فأما الوسيلة:
فأعظم وسيلة هي الإسلام والتوحيد، وبذلك فسرها الصحابة والتابعون رضي الله عنهم، ولا يكون العبد مسلماً إلا إذا وحد الله، وهذا ضد ما يفعلونه تماماً.
فأعظم شيء نتوسل به إلى الله هو توحيده سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولذلك إذا أردنا أن نسأل الله فإن من خير ما نسأله به؛ أن نسأله ونتضرع إليه بأنا نشهد أن لا إله إلا هو، فنتوسل إليه بتوحيده، ودعاؤنا لربنا وتوسلنا له في الدعاء بالتوحيد دليل على أن أعظم الأعمال التي نتوسل بها هو التوحيد، لأن الدعاء منه دعاء عبادة، ومنه دعاء مسألة.
فدعاء العبادة مثل الصلاة والشهادة: فالصلاة دعاء، وشهادة أن لا إله إلا الله دعاء.
ودعاء المسألة هوالتضرع والسؤال، وهو أن تسأل ربك شيئاً، فإذا كان خير ما تسأل ربك به هو توحيد الله، فإذاً خير ما نتوسل به إلى الله أيضاً من الأعمال والعبادات والطاعات هو توحيد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
فلو أن أحداً أراد أن يتقرب إلى الله بالشرك وبعبادة غير الله فهذا لا يكون متوسلاً إلى الله، بل يكون مطروداً من رحمة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ((إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) [المائدة:72] ولا يكون هذا متوسلاً إلى الله وهو متباغض إلى الله، بفعل أكبر وأعظم ذنب عصي الله تبارك وتعالى به: ((إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)) [النساء:48] فلا يمكن أبداً أن يكون أعظم الذنوب هو ما نتوسل به إلى المحبوب والمعبود سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
إذاً أعظم ما نتوسل به إلى الله هو توحيد الله تبارك وتعالى، والانقياد والإذعان والطاعة له، وهؤلاء العباد الصالحون من الأنبياء والملائكة إنما عظمت منزلتهم وقيمتهم وكانوا أولياء؛ بتوحيدهم لله.
فلذلك نحن نتوسل إلى الله بأعظم الوسائل وهو التوحيد، والوسيلة التي أمر الله أن نتخذها إليه أعظم شيء فيها هو توحيده، ثم طاعته، بجميع أنواع الطاعات، وأولها الصلاة، فكل ما فرضه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه} فكل العبادات والفرائض نتقرب بها إلى الله، فهذا هو معنى التوسل.
فأتوسل إلى الله معناها: أتقرب إليه وأسعى لنيل رضاه بهذه العبادة: بدعائه، وذكره، والجهاد في سبيله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإقامة دينه، وبكل شيء يرضيه، فأنا بهذا التوسل أسعى إلى رضاه سبحانه وأطمع في رحمته، وأن أنال الفوز بجنته وأن يعافيني من ناره.
وهكذا كل عبد من عباد الله الصالحين، وهذا هو التوسل المشروع، وهو دين الإسلام كله.
أما جانب الدعاء منه، فندعو الله تبارك وتعالى دعاء المسألة، وندعو الله دعاءً مشروعاً، ونتوسل إليه توسلاً مشروعاً بأحد أمرين: